الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***
قوال أبو حنيفة: لا تجب إلاَّ في ركعتين. لنا ثلاثة أحاديث: 768- الحديث الأوَّل: أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم الأعرابي الصَّلاة فأمره بالقراءة، ثم قال: "افعل ذلك في صلاتك كلها". وسيأتي بإسناده من حديث أبي هريرة، وهو في " الصحيحين"، ويأتي أيضاً من حديث رفاعة الزرقي. 769- الحديث الثَّاني: قال أحمد: ثنا يونس ثنا أبان عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلِّي، فيقرأ في الظُّهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب، وكان يطيل أوَّل ركعة من صلاة الفجر، وأوَّل ركعة من صلاة الظُّهر. أخرجاه في " الصحيحين". 770- الحديث الثَّالث: قال أحمد: وثنا عبد الرَّحمن عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مُرَّة عن أبي الدرداء أن رجلاً قال: يا رسول الله، أفي كل صلاة قرآن؟ فقال: "نعم". فقال رجل من الأنصار: وجبت هذه. 771- وقد روى أصحابنا من حديث عبادة وأبي سعيد قالا: أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نقرأ بالفاتحة في كل ركعة. 772- ورووا أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة لمن لا يقرأ في كل ركعة". وما عرفت هذين الحديثين. ز: حديث عبادة وأبي سعيد: رواه إسماعيل بن سعيد الشالنجي. وروى حديث: "لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب " من حديث أبي سعيد أيضاً O. احتج الخصم بثلاثة أحاديث: 773- أحدها: أن الأشعريين قالوا لأبي مالك الأشعري: صلِّ بنا صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقرأ في الأوليين ولم يقرأ في الأخريين. 774- والثَّاني: عن علي عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "القراءة في الأوليين قراءة في الأخريين". 775- والثَّالث: رواه محمد بن مهاجر ثنا وهب بن جرير عن أبيه عن أبي يزيد المديني عن عكرمة عن ابن عباس قال: ليس في الظُّهر والعصر قراءة. وهذه الأحاديث لا تعرف. وقد قيل في الأول: إنه يرويه شهر بن حوشب، قال ابن عَدِيٍّ: لا يحتج بحديثه. ثم لو صح حمل على الجهر في الأوليين أو على ما زاد على الفاتحة. وقيل في الثاني: إنه موقوف على علي غير مرفوع، وراويه الحارث الكذّاب. والثالث: من عمل محمد بن مهاجر، قال ابن حِبَّان: كان يضع الحديث على الثقات، ويزيد في الأخبار ألفاظاً ويسويها على مذهبه.
لنا: حديث أبي قتادة، وقد تقدَّم بإسناده. ز: 776- روى أبو سعيد الخدريُّ قال: كنَّا نَحْزُر قيام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الظُّهر والعصر، فَحَزَرنا قيامَه في الرَّكعتين الأوليين من الظُّهر قدر: "آلم تنزيل السَّجدة"، وحَزَرْنا قيامَه في الأخريين قدر النِّصف من ذلك، وحَزَرْنا قيامَه في الرَّكعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظُّهر، وفي الأخريين من العصر على النِّصف من ذلك. وفي رواية بدل: (تنزيل السَّجدة): قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية؛ وفي العصر في الرَّكعتين الأوليين في كلِّ ركعة قدر خمس عشرة، وفي الأخريين قدر نصف ذلك. رواه مسلم، وهو حجَّةٌ لأحد قولي الشَّافعيِّ، وإحدى الرِّوايتين عن أحمد O.
وقال أبو حنيفة: في الفجر خاصةً. وقال الشَّافعيُّ: لا يطيل في الكلِّ. لنا: حديث أبي قتادة، وقد تقدَّم.
وقال أبو حنيفة: يكره. 777- وقد روى أصحابنا من حديث أنس قال: رأيتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعدُّ الآي في الصَّلاة. 778- وإنَّما يروى هذا عن الحسن وإبراهيم وعروة وعطاء وطاوسٍ أنَّهم كانوا لا يرون بعدِّ الآي في الصَّلاة بأسًا.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يلزمه الذِّكر. 779- قال التِّرمذيُّ: ثنا عليُّ بن حُجْر أنا إسماعيل بن جعفر عن يحيى ابن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع عن جدِّه عن رفاعة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم رجلاً فقال: "إن كان معك قرآن فاقرأ، وإلاَّ فاحمد الله وكبره وهلله، ثم اركع". 780- وقال النَّسائيُّ: أنا يوسف بن عيسى ومحمود بن غيلان عن الفضل بن موسى ثنا مسعر عن إبراهيم السكسكي عن ابن أبي أوفى قال: جاء رجل إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني لا أستطيع أن آخذ شيئاً من القرآن، فعلمني شيئاً يجزئني من القرآن. فقال: "قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله". 781- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا ابن صاعد ثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه ثنا عبد الرَّزَّاق أنا سفيان الثوري عن أبي خالد- وهو الدالاني- عن إبراهيم- وهو السكسكي- عن عبد الله بن أبي أوفى أن رجلاً جاء إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يارسول الله، إني لا أستطيع أن أتعلم القرآن، فما يجزئني في صلاتي؟ قال: "تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة الا بالله، والله أكبر، ولا إله إلا الله". قال: هذا لله، فما لي؟ قال: "تقول: اللهم اغفر لي، وارحمني، وارزقني، واهدني، وعافني". ز: حديث رفاعة: تقدم أصله والكلام عليه. وحديث ابن أبي أوفى: رواه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما، ورواه الحاكم من رواية مِسْعر عن إبراهيم، وقال: على شرط (خ). وإبراهيم السَّكسكيُّ: صالح الحديث، وقد ضعَّفه شعبة وأحمد بن حنبل، وروى له البخاريُّ في " صحيحه "، وقال النَّسائيُّ: ليس بذاك القويِّ، يكتب حديثه. وقال ابن عَدِيٍّ: لم أجد له حديثًا منكر المتن، وهو إلى الصِّدق أقرب منه إلى غيره، ويكتب حديثه كما قال النَّسائيُّ. 782- وقال الطَّبرانيُّ: ثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق النَّيسابوريُّ ثنا أبو أميَّة محمد بن إبراهيم ثنا الفضل بن موفَّق ثنا مالك بن مِغْول عن طلحة بن مصرِّف عن عبد الله بن أبي أوفى قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إنِّي لا أستطيع أن أتعلَّم القرآن، فعلِّمني ما يجزئني من القرآن. فقال: "قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله". قال: هذه لله، فما لي؟ قال: "قل: ربِّ اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني". فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد ملأ يديه خيرًا". رواه أبو حاتم البستيُّ عن الحسن بن إسحاق الأصبهانيِّ عن أبي أميَّة. والفضل بن موفَّق: ضعَّفه أبو حاتم الرَّازيُّ وقال: كان شيخًا صالحًا، وكان يروي أحاديث موضوعة. ومحمّد بن إبراهيم أبو أميَّة: حافظ ثقة، قال الحاكم: صدوق كثير الوهم O.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا تجب. وكذا الخلاف مع أبي حنيفة في الاعتدال من الركوع والسجود. لنا سبعة أحاديث: 783- الحديث الأوَّل: قال أحمد: ثنا يحيى عن عبيد الله قال: حدَّثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة قال: دخل رجل فصلَّى، والنَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد، ثم جاء إلى النَبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسلم فرد عليه السلام وقال: "ارجع فصلِّ، فإنك لم تصل". ففعل ذلك ثلاث مرات، فقال: والذي بعثك بالحق نبياً ما أحسن غير هذا، فعلمني. قال: "إذا قمت إلى الصَّلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثُمَّ اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثُمَّ ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثُمَّ افعل ذلك في صلاتك كلِّها". أخرجاه في " الصَّحيحين". 784- الحديث الثَّاني: قال أحمد: وثنا يزيد بن هارون أنا محمد بن عمرو عن عليِّ بن يحيى بن خلاَّد الزُّرقيِّ عن أبيه عن رفاعة بن رافع قال: جاء رجلٌ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالسٌ في المسجد، فصلَّى قريبًا منه، ثُمَّ انصرف إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسلَّم عليه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أعد صلاتك، فإنَّك لم تصلِّ". فرجع فصلَّى كنحو ما صلَّى، ثُمَّ انصرف إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له: "أعد صلاتك، فإنَّك لم تصلِّ". فقال: يا رسول الله، علِّمني. قال: "إذا استقبلت القبلة فكبِّر، ثُمَّ اقرأ بأمِّ القرآن، ثُمَّ اقرأ بما شئت، فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك، وامدد ظهرك، ومكِّن لركوعك، فإذا رفعت رأسك فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها، فإذا سجدت فمكِّن لسجودك، فإذا رفعت رأسك فاجلس على فخذك اليسرى، ثُمَّ اصنع ذلك في كلِّ ركعة وسجدةٍ". 785- طريقٌ آخر: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا يوسف بن موسى ثنا هشام بن عبد الملك ثنا همَّام بن يحيى قال: حدَّثني إسحاق ابن عبد الله بن أبي طلحة عن عليِّ بن يحيى بن خلاَّد عن أبيه عن عمِّه رفاعة بن رافع قال: دخل رجلٌ فصلَّى، ثُمَّ جاء فسلَّم على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وعليك، ارجع فصلِّ فإنَّك لم تصلِّ". فجعل الرَّجل يصلِّي، وجعلنا نرمق صلاته، لا ندري ما يعيب منها؟! فلما صلَّى جاء فسلم، فقال له النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وعليك، ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ "- قال همام: لا أدري أمره بذلك مرتين أو ثلاثاً-. فقال الرجل: ما ألوت، وما أدري ما عبت علي من صلاتي؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين، ثم يكبر الله ويثني عليه، ثم يقرأ أم القرآن وما أذن له فيه وتيسر، ثم يكبر فيركع، فيضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله، ويقول: سمع الله لمن حمده، ويستوي قائمًا حتى يقيم صلبه ويأخذ كل عظم مأخذه، ثم يكبر ويسجد فيمكن وجهه- وربما قال: جبهته- من الأرض حتى تطمئن مفاصله، ثم يكبر ويستوي قاعداً ويقيم صلبه" ووصف الصَّلاة. 786- الحديث الثَّالث: قال أحمد: ثنا وكيع ثنا الأعمش عن عمارة بن عمير الليثي عن أبي معمر الأزدي عن أبي مسعود عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها ظهره في الركوع والسجود". قال التِّرمذيُّ: هذا حديث صحيح. 787- الحديث الرابع: قال أحمد: وثنا عبد الصمد و [سريج] قالا: ثنا ملازم بن عمرو أنا عبد الله بن بدر أن عبد الرَّحمن بن علي حدثه أن أباه علي بن شيبان حدَّثه أنه خرج وافداًَ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فصلينا خلف النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلمح بمؤخر عينه إلى رجل لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، فلما انصرف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يا معشر المسلمين، إنه لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الركوع والسجود". 788- طريق آخر: قال أحمد: وثنا أبو النضر ثنا أيُّوب بن عتبة ثنا عبد الله بن بدر عن عبد الرَّحمن بن علي بن شيبان عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ينظر الله عز وجل إلى رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده". 789- الحديث الخامس: قال أحمد: وثنا يحيى بن آدم ثنا عامر بن يساف قال: حدَّثني يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن بدر الحنفي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده". 790- الحديث السادس: قال أحمد: وثنا عفان ثنا مهدي ثنا واصل الأحدب عن أبي وائل عن حذيفة أنه رأى رجلاً لا يتم ركوعاً ولا سجوداً، فلما انصرف من صلاته دعاه حذيفة، فقال له: منذ كم صليت هذه الصَّلاة؟ قال: قد صليتها منذ كذا وكذا. فقال حذيفة: ما صليت- أو: ما صليت لله صلاة (شك مهدي)-. وأحسبه قال: لو متَّ متَّ على غير سنة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. انفرد بإخراجه البخاريُّ. 791- الحديث السَّابع: قال التِّرمذيُّ: ثنا محمد بن بشَّار ومحمد بن المثنَّى قالا: ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد الحميد بن جعفر ثنا محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حُميد السَّاعدي قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام إلى الصَّلاة اعتدل قائماً ورفع يديه حتى يحاذي منكبيه [ثم يكبر، فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه]، ثُمَّ قال: "الله أكبر " وركع، ثُمَّ اعتدل فلم يصوِّب رأسه ولم يُقْنع، ووضع يديه على ركبتيه، ثُمَّ قال: "سمع الله لمن حمده " ورفع يديه، واعتدل حتى رجع كلُّ عظمٍ في موضعه معتدلاً، ثُمَّ يهوي إلى الأرض ساجدًا، ثُمَّ قال: "الله أكبر"، ثُمَّ جافى عضديه عن أبطيه وفتح أصابع رجليه، ثُمَّ ثنى رجله اليسرى وقعد عليها، ثُمَّ اعتدل حتى رجع كل عظمٍ في موضعه معتدلاً، ثُمَّ هوى ساجدًا، ثمَّ قال: "الله أكبر"، ثُمَّ ثنى رجله وقعد واعتدل حتى يرجع كلُّ عضوٍ في موضعه، ثُمَّ نهض فصنع في الرَّكعة الثَّانية مثل ذلك، حتى إذا قام من السَّجدتين كبَّر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، كما صنع حين افتتح الصَّلاة، ثُمَّ صنع كذلك. ثُمَّ ذكر أنَّه يقعد متورِّكًا، ثُمَّ يسلِّم. انفرد بإخراجه البخاريُّ. 792- وقد روى أحمد: ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن خالد عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي". ز: حديث أبي مسعود: رواه أبو داود والتِّرمذيُّ وابن ماجه والنَّسائيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ- وقال: إسناده ثابت صحيح- والبيهقيُّ- وقال: إسنادٌ صحيح-. 793- روى يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعاً: "لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود". رواه البيهقيُّ وقال: تفرد به يحيى بن أبي بكير. وحديث علي بن شيبان: رواه ابن ماجه، وعبد الله بن بدر: وثقه ابن معين وأبو زرعة والعجليُّ وابن حِبَّان. وعامر بن يساف- في حديث أبي هريرة-: قال أبو حاتم: هو صالح. وقال أبوداود: رجل صالح، ليس به بأس. وقال ابن عَدِيٍّ: منكر الحديث عن الثقات. وحديث أبي حميد: لم يروه البخاري مطولاً، ولم يروه من طريق عبد الحميد بن جعفر. وحديث مالك: رواه البخاريُّ O. احتجُّوا: 794- بحديث يروى عن [ابن] أبزى قال: صليت خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يكبر بين السجدتين. قال أحمد: هو حديث منكر، ما أراه محفوظاً. قلت: والذي روينا عن ابن أبزى نحو حديث أبي حميد من الطمأنينة.
وقال أبوحنيفة ومالك كقولنا في المأموم، فأما الإمام والمنفرد فيقتصران على التسميع. وقال الشَّافعيُّ: يجمع المأموم بينهما أيضاً. 795- قال أحمد: ثنا عبد الرَّزَّاق ثنا معمر عن الزُّهريِّ عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد". أخرجاه في " الصحيحين". 796- قال أحمد: وثنا وكيع ثنا الأعمش عن عبيد بن الحسن المزني قال: سمعت ابن أبي أوفى يقول: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع رأسه من الركوع قال: "سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، ملء السماء، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد". 797- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا أحمد بن الحسن ابن سعيد ثنا أبي ثنا سعيد بن عثمان الخزاز ثنا عمرو بن شمر عن جابر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال لي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا بريدة، إذا رفعت راسك من الركوع فقل: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، ملء السماء، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد". 798- وقال التِّرمذيُّ: ثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود الطَّيالسيُّ ثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة بن الماجشون ثنا عمَّي عن عبد الرَّحمن الأعرج عن عُبيد الله بن أبي رافع عن عليِّ بن أبي طالب قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع رأسه من الرُّكوع قال: "سمع الله لمن حمده، ربَّنا ولك الحمد، ملء السَّماء، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيءٍ بعد". قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. 799- قال التِّرمذيُّ: وثنا الأنصاريُّ ثنا مَعْن ثنا مالك عن سُميٍّ عن أبي صالح عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربَّنا ولك الحمد، فمن وافق قولُه قولَ الملائكة غفر له ما تقدَّم من ذنبه". قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. 800- وقال البخاريُّ: ثنا آدم ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبريِّ عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قال: "سمع الله لمن حمده " قال: "اللهم ربَّنا ولك الحمد". 801- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أبو طالب الحافظ ثنا يزيد بن محمد بن عبد الصَّمد ثنا يحيى بن عمرو بن عمارة قال: سمعت ابن ثوبان يقول: حدَّثني عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فليقل من وراءه: ربَّنا ولك الحمد". 802- وقد رواه أبو زرعة عبد الرَّحمن بن عمرو عن يحيى عن ابن ثوبان عن ابن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة قال: كنَّا إذا صلَّينا خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "سمع الله لمن حمده " قال من وراءه: سمع الله لمن حمده. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: المحفوظ الأوَّل. ز: حديث ابن أبي أوفى: رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه، ورواه شعبة عن عُبيد. وحديث بُريدة: إسناده ساقطٌ، وعمرو وجابر: ضعيفان، وكذلك سعيد بن عثمان، وشيخ ابن عقدة وأبوه: لا يعرفان. وحديث عليٍّ: تقدَّم بطوله في الاستفتاح. 803- وروى أبو سعيد الخدريُّ قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع رأسه من الرُّكوع قال: "اللهم ربَّنا لك الحمد، ملء السَّموات والأرض، وملء ما شئت من شيءٍ بعد، أهل الثاء والمجد، أحقُّ ما قال العبد، وكلُّنا لك عبدٌ، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ". رواه مسلمٌ. 804- وعن ابن عباس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا رفع رأسه من الرُّكوع قال: "اللهم ربَّنا لك الحمد، ملء السَّموات، وملء الأرض، وما بينهما، وملء ما شئت من شيءٍ بعدُ، أهل الثَّناء والمجد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفعُ ذا الجدِّ منك الجدُّ". رواه مسلمٌ أيضًا O.
لنا: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد صحَّ عنه أنَّه كان يفعل ذلك، وقد قال: "صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي". ز: وقد صحَّ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه كان يقول ويفعل في الصَّلاة أشياء غير واجبة، مع قوله: "صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي " O. قال المؤلِّف: ولنا حديث عليٍّ وبُريدة، وقد سبق ذلك في المسألة قبلها. 805- وقال الإمام أحمد: ثنا حجَّاج ثنا ليث قال: حدَّثني عُقيل عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرَّحمن أنَّه سمع أبا هريرة يقول: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام إلى الصَّلاة يكبِّر حين يقوم، ثُمَّ يكبِّر حين يركع، ثُمَّ يقول: "سمع الله لمن حمده " حين يرفع صلبه من الرَّكعة، ثُمَّ يقول وهو قائمٌ: "ربَّنا لك الحمد"، ثُمَّ يكبِّر حين يهوي ساجدًا، ثُمَّ يكبِّر حين يرفع رأسه، ثُمَّ يفعل ذلك في الصَّلاة كلِّها حتَّى يقضيها، ويكبِّر حين يقوم من الثِّنتين بعد الجلوس. أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ في " الصَّحيحين". 806- وقال التِّرمذيُّ: ثنا قتيبة ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عبد الرَّحمن بن الأسود عن علقمة والأسود عن عبد الله قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبِّر في كلِّ خفضٍ ورفعٍ، وقيامٍ وقعودٍ، وأبو بكر وعمر. قال التِّرمذيُّ: هذاحديثٌ صحيحٌ. 807- قال التِّرمذيُّ: وثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود أنبأنا شعبة عن الأعمش قال: سمعت سعد بن عبيدة يحدث عن المستورد عن صلة بن زفر عن حذيفة أنه صلَّى مع النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان يقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم"، وفي سجوده: "سبحان ربي الأعلى". قال التِّرمذيُّ: هذا حديث صحيح. 808- وقال أحمد: ثنا أبو عبد الرَّحمن ثنا موسى بن أيُّوب الغافقي قال: حدَّثني عمي إياس بن عامر قال: سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول: لما نزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ} [الواقعة: 74، 96، والحاقة: 52] قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجعلوها في ركوعكم"، فلما نزلت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] قال: "اجعلوها في سجودكم". 809- قال أحمد: وثنا عبد الرَّزَّاق ثنا معمر عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد". قال معمر عن الزُّهريِّ عن أنس عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله. وقد سبق في مسألة الطمأنينة حديث: 810- رفاعة بن رافع عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء، ثم يكبر، ثم يقرأ أم القرآن، ثم يكبر فيركع، ويقول: سمع الله لمن حمده، ثم يكبر ويسجد، ثم يكبر ويستوي قاعداً". ذكرناه بإسناده هناك. ز: حديث ابن مسعود: رواه الإمام أحمد والنَّسائيُّ أيضاً. وحديث حذيفة: رواه الإمام أحمد ومسلم وأبوداود وابن ماجه والنَّسائيُّ. وحديث عقبة: رواه أبوداود عن أبي توبة الربيع بن نافع الحلبي وموسى بن إسماعيل البصري، ورواه ابن ماجه عن عمرو بن رافع القزويني، ثلاثتهم عن ابن المبارك عن موسى. ورواه الحاكم وصححه. وليس لإياس عند أبي داود وابن ماجه غير هذا الحديث، قال أبو سعيد ابن يونس: كان إياس من شيعة علي، والوافدين عليه من أهل مصر، وشهد معه مشاهده. وموسى بن أيُّوب الغافقي: قال إسحاق بن منصور وعباس الدوري عن يحيى بن معين: هو ثقة. ووثقه أبو داود وابن حِبَّان أيضاً، وقال يحيى بن بكير: موسى بن أيُّوب أوَّل من أحدث القياس بمصر. وحديث أبي موسى: رواه جماعة عن قتادة، وأخرجه مسلم وأبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه O.
وقال مالك: السنة أن يسبق بيديه، وعن أحمد نحوه. لنا حديثان: 811- الحديث الأوَّل: قال التِّرمذيُّ: ثنا سلمة بن شبيب ثنا يزيد بن هارون أنا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض يرفع يديه قبل ركبتيه. قال التِّرمذيُّ: هذا حديث حسن غريب، ورواه همام عن عاصم مرسلاً. وهذا لا يضر، لأن الراوي قد يرفع وقد يرسل. ز: ورواه أبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه والحاكم- وقال: على شرط مسلم- والدَّارَقُطْنِيُّ وقال: تفرد به يزيد بن هارون عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما يتفرد به، والله أعلم. وقال البيهقيُّ: هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضي. وقال يزيد بن هارون: ولم يرو شريك عن عاصم بن كليب إلا هذا الحديث. وقال الخطابي: حديث وائل أصح من حديث أبي هريرة O. 812- الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا العباس بن محمد ثنا العلاء بن إسماعيل العطار ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أنس قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انحط بالتكبير، فسبقت ركبتاه يديه. ز: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: تفرد به العلاء بن إسماعيل عن حفص بهذا الإسناد، والله أعلم. ورواه الحاكم في " المستدرك " وقال: على شرطهما، ولا أعرف له علة. وليس كما قال، فإن العلاء بن إسماعيل: غير معروف O. احتجوا بأحاديث: 813- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا الحسين بن الحسين بن عبد الرَّحمن القاضي ثنا محمد بن الأصبغ بن الفرج ثنا أبي ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سجد يضع يديه قبل ركبتيه. 814- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا محمود بن خالد ثنا مروان بن محمد ثنا عبد العزيز بن محمد ثنا محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل رجليه، ولا يبرك بروك البعير". ورواه التِّرمذيُّ عن قتيبة عن عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن الحسن. 815- وقال أحمد: ثنا سعيد بن منصور ثنا عبد العزيز بن محمد قال: حدَّثني محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك الجمل، وليضع يديه قبل ركبتيه". والجواب: أن أحاديثنا أشهر في كتب السنن وأثبت، وما ذهبنا إليه أليق بالأدب والخشوع. ز: حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: في " الأفراد ": تفرد به أصبغ بن الفرج عن عبد العزيز الدراوردي عن عبيد الله. وقد رواه أبو بكر بن خزيمة في " صحيحه ": 816- ثنا محمد بن عمرو بن تمام المصري ثنا أصبغ بن الفرج ثنا عبد العزيز بن محمد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه، وقال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل ذلك. وقال بعده: ذكر الدليل على أن الأمر بوضع اليدين قبل الرُّكبتين عند السجود منسوخ، وأن وضع الرُّكبتين قبل اليدين ناسخ. وروى من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبيه عن سلمة عن مصعب بن سعد عن سعد قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين، فأمرنا بالركبتين قبل اليدين. وهذا إسناد ضعيف، فإن يحيى بن سلمة بن كهيل قال البخاريُّ: في حديثه مناكير. وقال ابن نمير: ليس ممن يكتب حديثه. وقال ابن معين: ليس بشيء، لا يكتب حديثه وقال النَّسائيُّ: متروك الحديث. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ضعيفٌ. وقال ابن عَدِيٍّ: ومع ضعفه يكتب حديثه. والمشهور عن مصعب بن سعد عن أبيه نسخ التَّطبيق. 817- وقال الحاكم: ثنا محمد بن أحمد بن بُطََّة الأصبهانيُّ ثنا عبد الله ابن محمد بن زكريا ثنا مُحْرِز بن سلمة ثنا الدَّراورديُّ عن عُبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنَّه كان يضع يديه قبل ركبتيه، وقال: كان النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل ذلك. قال الحاكم: على شرط مسلم. فلم يتفرَّد به أصبغ. وحديث أبي هريرة: رواه أبو داود والنَّسائيُّ، وقال التِّرمذيُّ: حديث أبي هريرة حديثٌ غريبٌ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. ورواه البخاريُّ في " تاريخه " في ترجمة محمد بن عبد الله، وقال: لا يتابع عليه، ولا أدري سمع من أبي الزِّناد أم لا؟ 818- وعن عبد الله بن سعيد المَقْبُريِّ عن جدِّه عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرك بروك الجمل". رواه البيهقيُّ، وقال: إلا أنَّ عبد الله بن سعيد المَقْبُريِّ ضعيفٌ. وقال التِّرمذيُّ: في " جامعه " وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد المَقْبُريِّ عن أبيه عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعبد الله بن سعيد ضعَّفه يحيى بن سعيد القطَّان وغيره. قال التِّرمذيُّ هذا بعد روايته حديث أبي هريرة مختصرًا من طريق أبي حسن. 819- وقال أبو يعلى الموصليُّ في " مسنده ": حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا ابن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جدِّه عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرك بروك الفحل " O.
وقال أبو حنيفة: يجزئ. لنا: 820- حديث رِفاعة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تتمُّ صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء ويكبر- فوصف الصَّلاة، ثم قال: ويسجد فليمكن وجهه- وربما قال: جبهته- من الأرض". وقد سبق بإسناده في مسألة الطمأنينة. 821- وقال التِّرمذيُّ: ثنا بندار ثنا أبو عامر ثنا فليح بن سليمان قال: حدَّثني عباس بن سهل عن أبي حميد الساعدي أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض. قال التِّرمذيُّ: هذا حديث حسن صحيح. 822- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أبو عبد الله بن المهتدي ثنا الحسن بن علي ابن خلف ثنا سليمان بن عبد الرَّحمن حدَّثني ناشب بن عمرو الشيباني ثنا مقاتل بن حيان عن عروة عن عائشة قالت: أبصر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأة من أهله تصلِّي ولا تضع أنفها بالأرض، فقال: "يا هذه، ضعي أنفك بالأرض، فإنه لا صلاة لمن لم يضع أنفه بالأرض مع جبهته في الصَّلاة". فإن قالوا: قد قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ناشب ضعيف. قلنا: ما قدح فيه غيره، ولا يقبل التضعيف حتى يبين سببه. ز: هذا الكلام يدل على قلة علم المؤلف بالدَّارَقُطْنِيِّ، فإن الدَّارَقُطْنِيّ قلّ أن يضعف رجلاً ويكون فيه طب، ولا يطلب بيان السبب في التضعيف إلا إذا عارضه تعديل، وقد تكلم البخاري في ناشب أيضاً، وقال: هو منكر الحديث. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ في هذا الحديث: ولا يصح مقاتل عن عروة O. 823- وقال ابن عَدِيٍّ: ثنا محمد بن محمد بن سليمان ثنا يحيى بن عثمان ثنا محمد بن حمير عن الضَّحَّاك بن حُمْرة عن منصور بن زاذان عن عاصم البجلي عن عكرمة عن ابن عباس عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من لم يلصق أنفه مع جبهته بالأرض إذا سجد، لم تجز صلاته". قال يحيى: الضَّحَّاك بن حُمْرة ليس بشيء. وقال النَّسائيُّ: ليس بثقة. وقد روي حديث يختص الأنف: 824- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ثنا الجرَّاح بن مخلد ثنا أبو قتيبة ثنا شعبة عن عاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عباس عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة لمن لم يضع أنفه على الأرض". وفي لفظ: "لا صلاة لمن لم يصب أنفه من الأرض ما تصيب جبهته". فإن قالوا: قال أبو بكر بن أبي داود: لم يرفعه إلاَّ أبو قتيبة. قلنا: هو ثقة، أخرج عنه البخاريُّ، والرفع زيادة، وهي من الثقة مقبولة. ز: وقال الدَّارَقُطْنِيُّ في هذا الحديث: الصواب عن عاصم عن عكرمة مرسلاً. ورواه الحاكم في " المستدرك". 825- وروى إسماعيل بن عبد الله- المعروف بـ (سمويه)- في " فوائده " عن عكرمة عن ابن عباس قال: إذا سجد أحدكم فليضع أنفه على الأرض، فإنكم قد أمرتم بذلك. ورواه البيهقيُّ من رواية سماك عن عكرمة عن ابن عباس. 826- وقال: ورواه حرب بن ميمون عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ضع أنفك فليسجد معك". وقال: قال أبو عيسى التِّرمذيُّ: حديث عكرمة عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل أصح O. احتجُّوا: 827- بما روى الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا الحسن بن عرفة ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله قال: قلت لوهب بن كيسان: مالك لا تمكن جبهتك وأنفك من الأرض؟ قال: ذلك أني سمعت جابر بن عبد الله يقول: رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسجد على جبهته على قصاص الشَّعر. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: تفرَّد به عبد العزيز عن وهب، وليس بالقويِّ. قلت: قال يحيى بن معين: هو ضعيفٌ. وقال أبو زرعة: مضطرب الحديث، واهي الحديث. قال النَّسائيُّ: وإسماعيل بن عيَّاش ضعيفٌ. وقال ابن حِبَّان: خرج عن حدِّ الاحتجاج به. وقد رُوي حديثٌ لا يثبت: 828- قال ابن عَدِيٍّ: ثنا أحمد بن محمد الشَّرقيُّ ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا حفص بن عبد الله قال: حدَّثني محمد بن الفضل بن عطيَّة عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "السُّجود على الجبهة فريضةٌ، وعلى الأنف تطوُّعٌ". وهذا لا يصحُّ، قال أحمد: محمد بن الفضل حديثه حديث أهل الكذب. وقال يحيى: كان كذَّاباً.
وعنه: يجزئ. لنا: الأحاديث المتقدمة. وقد روى من أجاز ذلك: أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسجد على كور العمامة. ز: 829- روى خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شدة الرمضاء في جباهنا وأكفنا، فلم يشكنا. رواه البيهقيُّ عن أبي عبد الله الحافظ عن أبي بكر بن إسحاق الفقيه عن الحسن بن علي بن زياد عن إبراهيم بن موسى عن عيسى بن يونس عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب عن خباب. وقد رواه مسلم من رواية زهير وغيره عن أبي إسحاق، وليس فيه: (في جباهنا وأكفِّنا). 830- وعن عليٍّ قال: إذا كان أحدكم يصلِّي فليحسر العمامة عن جبهته. 831- وعن نافع أنَّ ابن عمر كان إذا سجد وعليه العمامة يرفعها حتى يضع جبهته بالأرض. 832- وعن عبادة بن الصَّامت أنَّه كان إذا قام إلى الصَّلاة حسر العمامة عن جبهته. رواها البيهقيُّ، وقال: وأمَّا ما روي عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من السُّجود على كور العمامة، فلا يثبت شيءٌ من ذلك. 833- وعن هشام عن الحسن قال: كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسجدون وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرَّجل منهم على عمامته. رواه البيهقيُّ O.
خلافًا لأحد قولي الشَّافعيِّ: يجب. لنا: 834- ما روى أحمد من حديث عبد الله بن عبد الرَّحمن الأنصاريِّ قال: صلَّى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسجد بني عبد الأشهل، فرأيته واضعًا يديه في ثوبيه إذا سجد. 835- وقال محمود بن إسحاق: ثنا البخاريُّ ثنا محمد بن مقاتل ثنا عبد الله ثنا زائدة بن قدامة ثنا عاصم بن كليب الجرميُّ ثنا أبي أنَّ وائل بن حُجْر أخبره قال: قلت: لأنظرنَّ إلى صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كيف يصلِّي؟ فنظرت إليه، فقام فكبَّر، فرفع يديه، ثُمَّ لمَّا أراد أن يركع رفع يديه مثلها، ثُمَّ رفع رأسه فرفع يديه مثلها؛ ثُمَّ جئت بعد ذلك في زمان فيه برد، عليهم جلُّ الثِّياب تحرَّك أيديهم من تحت الثِّياب. ز: 836- عن عبد الله بن عبد الرَّحمن بن ثابت بن الصَّامت عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى في بني عبد الأشهل وعليه كسَاءٌ متلفِّفٌ فيه، يضع يديه عليه، يقيه برد الحصى. رواه ابن ماجه عن جعفر بن مسافر عن إسماعيل بن أبي أويس عن إبراهيم بن إسماعيل الأشهليِّ- وهو ابن أبي حبيبة، وفيه كلام- عن عبد الله بن عبد الرَّحمن. ورواه البيهقيُّ وقال: في إسناده بعض الضعف. 837- ورواه الإمام أحمد وابن ماجه أيضًا عن عبد الله بن عبد الرَّحمن قال: جاءنا النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسجد بني الأشهل فرأيته واضعًا يديه على ثوبه إذا سجد. وعبد الله: ليست له صحبة، والصَّواب الأوَّل O.
وقال أبو حنيفة: لا يجب إلا على الجبهة. وعن الشَّافعيِّ: فيما عدا الجبهة قولان. لنا حديثان: 838- الحديث الأوَّل: قال أحمد: ثنا عبد الرَّحمن بن مهديٍّ ثنا عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد عن عامر بن سعد عن العباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا سجد الرَّجل سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفَّاه، وركبتاه، وقدماه". انفرد بإخراجه مسلم. 839- الحديث الثَّاني: قال البخاريُّ: ثنا قَبيصة ثنا سفيان عن عمرو ابن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال: أُمر النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يسجد على سبعة أعضاء، ولا يكفَّ شعرًا ولا ثوبًا، الجبهة واليدين والرُّكبتين والرِّجلين. 840- قال البخاريُّ: وثنا مسلم بن إبراهيم ثنا شعبة عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أُمرنا أن نسجد على سبعة أعظم، ولا نكفَّ ثوبًا ولا شَعرًا". الطَّريقان في " الصَّحيحين".
وعنه: أنَّه يجلس جلسة الاستراحة على قدميه وأليتيه، وبه قال الشَّافعيُّ، إلا أنَّه قال: صفة الجلسة كالتي بين السَّجدتين. وقال مالك: ينهض من غير اعتماد ولا جلوس. 841- قال التِّرمذيُّ: ثنا [يحيى] بن موسى ثنا أبو معاوية ثنا خالد بن إلياس عن صالح مولى التَّوأمة عن أبي هريرة قال: كان النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهض في الصَّلاة على صدور قدميه. 842- قال التِّرمذيُّ: ثنا عليُّ بن حُجْر أنا هُشيم عن خالد الحذَّاء عن أبي قِلابة عن مالك بن الحُويرث أنَّه رأى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي، فكان إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي جالسًا. قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. والذي قبله فيه خالد بن إلياس، قال أحمد: خالدٌ متروك الحديث. وقال يحيى: ليس بشيءٍ، ولا يكتب حديثه. ز: حديث مالك بن الحويرث: رواه البخاريُّ. 843- وعن عبد الرَّحمن بن يزيد أنه رأى عبد الله بن مسعود يقوم على صدور قدميه في الصَّلاة، ولا يجلس إذا صلَّى في أوَّل ركعة حين يقضي السُّجود. 844- وعن عطية العوفي قال: رأيت ابن عمر وابن عباس وابن الزُّبير وأبا سعيد الخدري يقومون على صدور أقدامهم في الصَّلاة. رواهما البيهقيُّ وقال: هو عن ابن مسعود صحيح، وعطية العوفي لا يحتج به O.
وقال مالك: تجب الجلسة دون الذِّكر. لنا: أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علمهم التشهد وأمرهم به، فقال: "قولوا: التحيات لله. "، وسيأتي مسنداً- إن شاء الله-. 844- وقد روى الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا علي بن عبد الله بن مبشر ثنا أحمد بن سنان القطان ثنا موسى بن داود ثنا زهير بن معاوية عن الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة قال: أخذ علقمة بيدي، وزعم أن ابن مسعود أخذ بيده، وزعم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيده فعلمه التشهد. - إلى قوله: وأن محمداً عبده ورسوله- قال: "إذا قضيت هذا- أو فعلت هذا- فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تجلس فاجلس". قال الدَّارَقُطْنِيُّ: الصَّحيح أنَّ قوله: (إذا قضيت هذا فقد قضيت صلاتك) من كلام ابن مسعود، فصله شَبابة عن زهير، وجعله من كلام ابن مسعود، وقوله أشبه بالصَّواب ممَّن أدرجه، وقد اتفق من روى تشهد ابن مسعود على حذفه. 845- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وأنا محمد بن يحيى بن مرداس ثنا أبو داود ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير عن عبد الرَّحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرَّحمن بن رافع وبكر بن سوادة عن عبد الله بن عمرو أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا قضى الإمام الصَّلاة وقعد، فأحدث قبل أن يسلِّم، فقد تمت صلاته ومن كان خلفه ممَّن ائتم به". وهذا لا يصحُّ، قال أحمد: عبد الرَّحمن بن زياد لا يُروى عنه شيئًا. وقال يحيى والنَّسائيُّ: ضعيفٌ. وقال ابن حِبَّان: يروي الموضوعات عن الثِّقات ويدلِّس. ز: حديث ابن مسعود: رواه أحمد وأبو داود. وحديث عبد الله بن عمرو: رواه أبوداود والتِّرمذيُّ وقال: ليس إسناده بالقوي، وقد اضطربوا في إسناده. وسيأتي. 846- وعن عاصم بن ضمرة عن عليٍّ عليه السلام قال: إذا جلس مقدار التشهد ثم أحدث، فقد تمت صلاته. قال عليُّ بن سعيد: سألت أحمد بن حنبل عمن ترك التشهد فقال: يعيد. فقلت: فحديث علي: (من قعد مقدار التشهد). فقال: لا يصح O.
وقال مالك: تشهد ابن عمر. وقال الشَّافعيُّ: تشهد ابن عباس. ذكر التَّشهُّدات تشهُّد ابن مسعود: 847- قال أحمد: ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: كنَّا إذا جلسنا مع النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصَّلاة قلنا: (السَّلام على الله قبل عباده، السَّلام على جبريل، السَّلام على ميكائيل، السَّلام على فلان، السَّلام على فلان. ) فسَمِعَنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "إن الله عزَّ جلَّ هو السَّلام، فإذا جلس أحدكم في الصَّلاة فليقل: التَّحيات لله والصَّلوات والطَّيِّبات، السَّلام عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمة الله وبركاته، السَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين- فإذا قالها اصابت كلَّ عبدٍ صالحٍ في السَّماء والأرض-، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله. ثُمَّ يتخيَّر بعدُ من الدُّعاء". أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ في " الصَّحيح". وقال التِّرمذيُّ: أصحُّ حديثٍ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التَّشهد: حديث ابن مسعود، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصَّحابة والتَّابعين. 848- قال أحمد: وثنا يحيى بن آدم ثنا شَريك عن جامع بن أبي راشد عن أبي وائل عن عبد الله قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلِّمنا التَّشهد كما يعلِّمنا السورة من القرآن. وهذا يقوي إيثاره على غيره، ثم فيه (الواو) في قوله: (والصلوات والطيبات)، وهي موجبة للغيرية، فالصلوات شيء، والطيبات شيء. تشهد ابن عباس: 849- قال أحمد: ثنا يونس ثنا ليث عن أبي الزُّبير عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن، فكان يقول: "التحيات المباركات الصلوات لله، السلام عليك أيها النَّبِيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إِلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله". قال التِّرمذيُّ: هذا حديث حسن صحيح غريب. ز: روى هذا الحديث مسلم وغيره O. تشهد ابن عمر: 850- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أبو بكر الشَّافعيُّ ثنا محمد بن علي بن إسماعيل السكري ثنا خارجة بن مصعب بن خارجة عن موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا التشهد: "التحيات الطيبات الزاكيات لله، السلام عليك أيها النَّبِيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إِلا لله وحده لا شريك له، وأن محمَّداً عبده ورسوله". هذا لا يصح، قال يحيى: خارجة غير ثقة. وقال أحمد لابنه: لا تكتب عنه. وقال ابن حِبَّان: لا يحل الاحتجاج بخبره. قال أحمد: ولا تحل عندي الرواية عن موسى بن عبيدة. وقال يحيى: لا يحتج بحديثه. ز: سقط من إسناد حديث ابن عمر رجلان: خارجة بن مصعب؛ ومغيث بن بديل. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أبو بكر الشَّافعيُّ ثنا محمد بن علي بن إسماعيل السكري ثنا خارجة بن مصعب بن خارجة، وحدَّثني أحمد بن محمد بن أبي عثمان الغازي أبو سعيد النيسابوريُّ ثنا أبو العباس محمد بن عبد الرَّحمن الدغولي ثنا خارجة بن مصعب بن خارجة، ثنا مغيث بن بديل ثنا خارجة بن مصعب عن موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر فذكره. ثم قال: هذا لفظ ابن أبي عثمان، وموسى بن عبيدة وخارجة بن مصعب ضعيفان. وخارجة بن مصعب- الصَّغير-: هو حفيد الكبير، قال ابن الجوزيِّ في كتاب " الضُّعفاء " بعد ذكر خارجة بن مصعب الكبير: وثَمَّ خارجة بن مصعب بن خارجة أبو منصور، يروي عن مغيث بن بُديل، لا يعرف فيه طعنًا. 851- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا نصر بن عليٍّ قال: أخبرني أبي أنا شعبة عن أبي بشر قال: سمعتُ مجاهدًا يحدِّث عن ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال في التَّشهُّد: "التَّحيَّات لله الصَّلوات الطََّيبات، السَّلام عليك أيُّها النبيُّ ورحمة الله- قال ابن عمر: وزدت فيها: وبركاته- السَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين، أشهد أن لا إله إلا الله- قال ابن عمر: وزدت فيها: وحده لا شريك له-، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله". قال الدَّارَقُطْنِيُّ: هذا إسنادٌ صحيحٌ، وقد تابعه على رفعه ابن أبي عَدِيٍّ عن شعبة، ووقفه غيرهما. ورواه أبو داود وأبو يعلى الموصليُّ وإسماعيل بن عبد الله سمويه وغيرهم عن نصر بن عليٍّ بنحوه. 852- وقال الطبرانيُّ: ثنا عبدان بن أحمد ثنا دُحيم ثنا يحيى بن حسَّان ثنا سليمان بن موسى ثنا جعفر بن سعد بن سمرة حدَّثني خُبيب بن سليمان عن أبيه سليمان عن سمَرة قال: أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كُنَّا في وسط الصَّلاة أو حين انقضائها: "فابدؤا قبل التَّسليم بقول: التَّحيات الطََّيبات الصَّلوات والسَّلام والملك لله، ثُمَّ سلموا على النَّبيَّين، ثُمَّ سلَّموا على أقاربكم وعلى أنفسكم " رواه أبو داود عن محمد بن داود بن سفيان عن يحيى بن حسَّان بنحوه. 853- وعن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلِّمنا التَّشهُّد كما يعلِّمنا السُّورة من القرآن: "بسم الله وبالله، التَّحيَّات لله والصَّلوات والطَّيَّبات، السَّلام عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمة الله وبركاته، السَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أسأل الله الجنَّة وأعوذ بالله من النَّار". رواه ابن ماجه والنَّسائيُّ من رواية أيمن بن نابل عن أبي الزُّبير عن جابر. وقد أنكره الدَّارَقُطْنِيُّ على أيمن بن نابل، وقيل: إنَّ المحفوظ ما رواه الليث عن أبي الزُّبير عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس. وخالفهم ليث بن سعد وعمرو بن الحارث رواه [كذا] عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس. ورواه عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي وزكريا بن خالد- شيخ لأهل الكوفة يروي عنه قيس بن الربيع وغيره- عن أبي الزبير عن طاوس وحده عن ابن عباس. وحديث ابن عباس أشبه بالصواب من حديث جابر) ا. هـ. وقال النَّسائيُّ: ولا نعلم أحدًا تابع أيمن على هذا الحديث، وخالفه الليث ابن سعد في إسناده، وأيمن عندنا لا بأس به، والحديث خطأ، وبالله التوفيق. 854- وعن عبد الرَّحمن بن عبدٍ القاري أنَّه سمع عمر بن الخطََّاب- وهو على المنبَّر، وهو يعلم النَّاس التَّشهُّد- يقول: قولوا: التَّحيَّات لله، الزَّاكيات لله، الصَّلوات الطََّيبات لله، السَّلام عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمة الله وبركاته، السَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله. رواه مالك في " الموطأ". 855- وعن القاسم بن محمد أن عائشة زوج النَّبيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت تقول إذا تشهَّدتْ: التَّحيَّات الطََّّيبات الصَّلوات الزَّاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، السَّلام عليك أيَّها النَّبيُّ ورحمة الله وبركاته، السَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين، السَّلام عليكم. رواه مالك في " الموطأ " أيضًا. وقد روى مسلم حديث حطَّان بن عبد الله الرَّقاشيِّ عن أبي موسى في التَّشهُّد. وبأيِّ تشهُّدٍ تشهد مما صحَّ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاز O.
وعنه: أنَّها سنَّةٌ، كقول أبي حنيفة ومالك. لنا أربعة أحاديث: 856- الحديث الأوَّل: قال أحمد: ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم قال: سمعتُ ابن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عُجرة فقال: ألا أهدي لك هديَّة؟! خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلنا: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قد علمنا- أو: قد عرفنا- كيف السَّلام عليك، فكيف الصَّلاة؟ فقال: "قولوا: اللَّهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صلَّيت على آل إبراهيم، إنَّك حميدٌ مجيدٌ، اللَّهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنَّك حميدٌ مجيدٌ " أخرجاه في " الصَّحيحين". وقد رواه التِّرمذيُّ وصحَّحه، فقال فيه: "اللَّهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم، إنَّك حميدٌ مجيدٌ، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنَّك حميدٌ مجيدٌ". 857- الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا محمد بن عبد الله الشَّافعيُّ ثنا محمد بن غالب ثنا عليُّ بن بحر ثنا عبد المهيمن بن عباس عن أبيه عن جدِّه سهل بن سعد أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة لمن لم يصلِّ على نبيِّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". قال الدَّارَقُطْنِيُّ: عبد المهيمن ليس بالقويِّ. وقال ابن حِبَّان: لا يحتجُّ به. ز: 858- قال الطَّبرانيُّ: ثنا عبد الرَّحمن بن معاوية العتبيُّ المصريُّ ثنا عبيد الله بن محمد الكنديُّ ثنا ابن أبي فديك عن أُبيِّ بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا صلاة لمن لا يصلِّي على نبيِّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا صلاة لمن لا يحبُّ الأنصار". وقد روي عن ابن أبي فديك عن عبد المهيمن بن عباس، وهو أشبه بالصَّواب. وأُبيُّ بن عباس بن سهل بن سعد: تكلَّم فيه أيضًا الإمام أحمد وابن معين والدُّولابيُّ والنَّسائيُّ والعُقيليُّ، وقد روى له البخاريُّ حديثًا: عن عليِّ بن المدينيِّ عن معن بن عيسى عن أُبيِّ بن عباس عن أبيه عن جدِّه كان للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرسٌ يقال له: اللُّحَيف O. 859- الحديث الثَّالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا جعفر بن عليِّ بن نجيح ثنا إسماعيل بن صبيح عن سفيان بن إبراهيم عن عبد المؤمن بن القاسم عن جابر عن أبي جعفر عن أبي مسعود الأنصاريِّ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من صلَّى صلاةً لم يصلِّ فيها عَلَيَّ ولا على أهل بيتي، لم تقبل منه". جابرٌ ضعيفٌ، وقد اختلف عنه: فوقفه على أبي مسعود تارة، ورفعه تارة. 860- الحديث الرَّابع: موقوفٌ، رواه ابن ماجه من حديث ابن مسعود أنه قال: إذا صليتم على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد؛ وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد. ز: 861- عن يحيى بن السباق عن رجل من بني الحارث عن ابن مسعود عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "إذا تشهد أحدكم في الصَّلاة فليقل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، وارحم محمداً وآل محمد، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد". رواه البيهقيُّ. 862- وروى الإمام أحمد وأبو داود والنَّسائيُّ والتِّرمذيُّ وصححه وابن حِبَّان في " صحيحه " من حديث حيوة بن شريح: ثنا أبو هانئ الخولاني حدثني عمرو بن مالك الجنبي سمع فضالة بن عبيد يقول: سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً يدعو في صلاته، فلم يصلِّ على النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عجل هذا". ثم دعاه، فقال له ولغيره: "إذا صلَّى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم ليصلِّ على النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم ليدع بعد ما شاء". رواه الحاكم وقال: هو على شرط مسلم. وقال في موضع آخر: على شرطهما O.
وقال مالك: يجلس في الجميع متوركاًَ. وقال أبو حنيفة: يفترش في الكل. لنا ثلاثة أحاديث: 863- الحديث الأوَّل: قال البخاريُّ: ثنا يحيى بن بكير ثنا الليث عن خالد عن سعيد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء أنه كان جالساً مع نفر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرنا صلاة النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رأيته إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره، وإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى، وقعد على مقعده. انفرد بإخراجه البخاريُّ. 864- الحديث الثَّاني: قال التِّرمذيُّ: ثنا أبو كريب ثنا عبد الله بن إدريس ثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: قدمت المدينة، فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما جلس افترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ونصب رجله اليمنى. 865- الحديث الثَّالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا ابن صاعد ثنا بندار ثنا عبد الوهاب ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: سنة الصَّلاة أن يفترش اليسرى، وينصب اليمنى.
وقال أبو حنيفة: لا يجب، بل يجوز أن يخرج بكل ما ينافيها. لنا: قوله عليه السلام: "وتحليلها التسليم"، وقد سبق بإسناده. احتجُّوا بحديثين: 866- أحدهما: رواه التِّرمذيُّ: ثنا أحمد بن محمد ثنا عبد الله بن المبارك أنا عبد الرَّحمن بن زياد عن عبد الرَّحمن بن رافع وبكر بن سوادة أخبراه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أحدث وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلِّم، فقد جازت صلاته". قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ ليس إسناده بالقويِّ، وقد اضطربوا في إسناده. قلت: وهذا الحديث قد سبق بلفظٍ آخر في مسألة التَّشهُّد الأخير، وذكرنا الجرح للأفريقيِّ. وحديثهم الثَّاني: حديث ابن مسعود أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علَّمه التَشهُّد، وقال: "فإذا قلت ذلك فقد تمَّت صلاتك". وقد سبق هناك بإسناده والكلام عليه.
وقال أبو حنيفة: ليس منها. لنا: قوله: "وتحليلها التَّسليم"، وقد سبق. وقول ابن مسعود: لا أنسى تسليم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصَّلاة. وقول سهل بن سعد وعائشة: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاته. وسيأتي ذلك بأسانيده.
وعنه: أنَّها سنَّةٌ، كقول أبي حنيفة والشَّافعيِّ في الجديد. وقال مالك: السُّنَّة الاقتصار على واحدة. لنا سبعة أحاديث: الحديث الأوَّل: حديث جابر بن سَمُرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألا يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه، ثُمَّ يسلِّم عن يمينه وشماله". وقد ذكرناه بإسناده في مسألة رفع الأيدي. 867- الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا البغويُّ ثنا منصور بن أبي مزاحم ثنا أبو سعيد المؤدِّب عن زكريا عن الشَّعبيِّ عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال: ما نسيت من الأشياء فلم أَنْسَ تسليم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصَّلاة عن يمينه وعن شماله: "السَّلام عليكم ورحمة الله، السَّلام عليكم ورحمة الله". 868- طريق آخر: قال أحمد: ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره: "السَّلام عليكم ورحمة الله، السَّلام عليكم ورحمة الله". 869- طريق آخر: قال أحمد: وثنا حميد بن عبد الرَّحمن ثنا الحسن عن أبي إسحاق ثنا أبو الأحوص عن عبد الله قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده. ز: ورواه أبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه والتِّرمذيُّ وقال: حديث حسن صحيح. وقال العقيليُّ: والأسانيد صحاح ثابتة في حديث ابن مسعود في التسليمتين، ولا يصح في تسليمة شيء. 870- وعن أبي معمر أن أميراً كان بمكة يسلم تسليمتين، فقال عبد الله- يعني ابن مسعود-: أنى عَلِقَها؟! إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعله. رواه مسلم O. 871- الحديث الثَّالث: قال أحمد: وثنا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة عن محمد بن عبد الله بن مالك عن سهل بن سعد أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلم في صلاته عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده. 872- الحديث الرَّابع: قال أحمد: وثنا ابن مهدي ثنا عبد الله بن جعفر الزهري عن إسماعيل بن محمد بن سعد عن عامر بن سعد عن أبيه عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده، وعن يساره حتى يرى بياض خده. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: هذا إسناد صحيح. قلت: انفرد بإخراجه مسلم. 873- الحديث الخامس: قال أحمد: وثنا عبد الصمد ثنا ملازم قال: حدَّثني هوذة بن قيس بن طلق عن أبيه عن جدِّه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيمن وبياض خده الأيسر. ز: ورواه إسماعيل بن عبد الله عن عليِّ بن المدينيِّ عن ملازم بن عمرو، ورواه الإمام أحمد أيضاً عن عليِّ بن المدينيِّ قبل أن يمتحن، ورواه أبو القاسم الطَّبرانيُّ عن العباس بن محمد المجاشعي الأصبهاني عن محمد بن أبي يعقوب الكرماني عن ملازم O. 874- الحديث السادس: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا ابن صاعد ثنا فضالة بن الفضل ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن عمار بن ياسر قال: كان رسول الله إذا سلم عن يمينه يرى بياض خده الأيمن، وإذا سلم عن يساره يرى بياض خده الأيمن والأيسر، وكان تسليمه: "السَّلام عليكم ورحمة الله". ز: قال ابن أبي حاتم: فضالة بن الفضل الكوفي، روى عن أبي بكر ابن عياش، كتب عنه أبي، وسئل عنه فقال: صدوق. وصححه النَّسائيُّ وابن حِبَّان O. 875- الحديث السَّابع: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا عمرو بن علي ثنا عبد الله بن داود عن حريث عن الشَّعبيِّ عن البراء بن عازب أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلم تسليمتين. ز: حريث هو: ابن أبي مطر- واسمه: عمرو الفزاريُّ- أبو عمرو الحنَّاط الكوفيُّ، وقد تكلم فيه ابن معين والفلاس وأبو حاتم والبخاريُّ، وتركه النَّسائيُّ وابن الجنيد والدُّولابيُّ والأزديُّ. 876- وعن وائل بن حُجْر قال: صلَّيت مع النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان يسلِّم عن يمينه: "السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وعن شماله: "السَّلام عليكم ورحمة الله". رواه أبو داود. 877- وعن أبي موسى قال: صلَّى بنا عليٌّ يوم الجمل صلاةً ذكَّرنا صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإمَّا أن نكون نسيناها، وإمَّا أن نكون تركناها، فسلَّم عن يمينه وعن شماله. رواه ابن ماجه، وإسناده صحيحٌ. 878- وعن حذيفة بن اليمان قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسلِّم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خدِّه: "السَّلام عليكم ورحمة الله، السَّلام عليكم ورحمة الله". رواه ابن ماجه أيضًا، وإسناده صحيحٌ، وفي بعض النُّسخ الصَّحيحة: (عمَّار بن ياسر) بدل (حذيفة) وهو سهوٌ O. احتجُّوا بأربعة أحايث: 879- الحديث الأوَّل: قال التِّرمذيُّ: ثنا محمد بن يحيى النَّيسابوريُّ ثنا عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلِّم في الصَّلاة تسليمةً واحدةً تلقاءَ وجهه، ثُمَّ يميلُ إلى الشِّق الأيمن شيئًا. 880- الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا يزداد بن عبد الرَّحمن ثنا الزُّبير بن بكَّار ثنا عتيق بن يعقوب ثنا عبد المهيمن بن عباس عن أبيه عن جدِّه أنَّه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسلِّم تسليمةً واحدةً لا يزيد عليها. 881- الحديث الثَّالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا محمد بن خلف ثنا الرَّماديُّ ثنا نُعيم ثنا رَوْح بن عطاء بن أبي ميمونة عن أبيه عن الحسن عن سمرة بن جندب قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسلم واحدة في الصَّلاة قبل وجهه، فإذا سلم عن يمينه سلم عن يساره. 882- الحديث الرَّابع: قال ابن ماجه: ثنا محمد بن الحارث المصري ثنا يحيى بن راشد عن يزيد- مولى سلمة- عن سلمة بن الأكوع قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي، فسلم مرة واحدة. والجواب: أن هذه الأحاديث ضعاف: أما الأوَّل: ففيه زهير بن محمد، قال البخاريُّ: هو من أهل الشام، يروى عنه مناكير. وقال يحيى: ضعيف. وقال التِّرمذيُّ: لا يعرف هذا الحديث مرفوعاً إلا من هذا الوجه. وفي الحديث الثاني: عبد المهيمن، قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ليس بالقويِّ. وقال ابن حِبَّان: بطل الاحتجاج به. وفي الحديث الثَّالث: رَوْح، قال أحمد: منكر الحديث وتركه يحيى. وفي الرَّابع: يحيى بن راشد، قال يحيى: ليس بشيءٍ وقال النَّسائيُّ: ضعيفٌ. ز: حديث عائشة: رواه ابن ماجه والدَّارَقُطْنِيُّ والحاكم وقال: على شرطهما، ورواه وهيب عن عُبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة أنَّها كانت تُسلِّم تسليمةً واحدةً. وزهير بن محمد: من رجال " الصَّحيحين "، لكن له مناكير، وهذا الحديث منها. قال أبو حاتم الرَّازيُّ: هو حديثٌ منكرٌ. وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله- وذكر رواية الشَّاميين عن زهير بن محمد- قال: يروون عنه أحاديث مناكير هؤلاء. ثُمَّ قال: أمَّا رواية أصحابنا عنه فمستقيمة- عبد الرَّحمن بن مهديٍّ وأبو عامر-، وأمَّا أحاديث أبي حفص ذاك التَّنَّيسيُّ عنه، فتلك بواطيل موضوعة. أو نحو هذا، فأما (بواطيل) [] فقد قاله. وحديث سهل بن سعد: رواه ابن ماجه أيضًا، ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ أيضاً من رواية عبد الله بن نافع الصائغ عن عبد المهيمن. 883- وروت عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أوتر بتسع ركعات لم يقعد إلا في الثامنة، فيحمد الله ويذكره ويدعو، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلِّي التاسعة فيجلس فيذكر الله عزَّ وجلَّ ويدعو، ويسلم تسليمة يسمعنا، ثم يصلِّي ركعتين وهو جالس، فلما كبر وضعف أوتر بسبع ركعات لا يقعد إلا في السادسة، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلِّي السابعة، ثم يسلم تسليمة، ثم يصلِّي ركعتين وهو جالس. رواه الإمام أحمد والنَّسائيُّ- وهذا لفظه- وزاد الإمام أحمد: ثم يسلم تسليمة واحدة: "السَّلام عليكم " يرفع بها صوته حتى يوقظنا. وإسناده صحيحٌ. 884- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفصل بين الشَّفع والوتر بتسليمة يسمعناها. رواه الإمام أحمد O.
وقال الحنفيَّة والشَّافعيَّة: ينوي السَّلام على الملائكة والمأمومين. لنا: قوله عليه السَّلام: "وتحليلها التَّسليم"، وقد سبق.
|